Friday, March 9, 2007

مشكلة الكفاءات الإدارية في القطاع الثالث

تواجه المنظمات غير الربحية وهي ما يطلق عليه البعض (القطاع الثالث) أو (الجمعيات الخيرية) أحياناً .. وإن كانت التسمية الأخيرة غير دقيقة، المهم أن هذه المنظمات تواجه مشكلة مزعجة تتمثل في نفور أو قل تهرب الموظفين ذوي الكفاءات الجيدة والقدرات المتميزة من العمل فيها، والأسباب -من وجهة نظري- تنحصر في سببين:


أول الأسباب: الخوف من انعدام الأمن الوظيفي في منظمات القطاع الثالث: وأصحاب هذا السبب هم غالباً عشاق العمل كموظفين حكوميين، حيث يظن الكثير أن الأمن الوظيفي هو في الوظائف الحكومية، وأن غيرها من الوظائف هي كما يقال (على كف عفريت) ففي أي يوم يمكن لصاحب المؤسسة أو الشركة أن (يفصلك ويخرب بيتك ويقطع رزقك .. إلخ) والعياذ بالله، ونسي هؤلاء أو تناسوا قول الله عز وجل: (وفي السماء رزقكم وما توعدون).


ثاني الأسباب: ضعف -بل أحياناً- انعدام المميزات المالية أو الإدارية في منظمات القطاع الثالث: وعادة الذين يقيسون الأمر من هذه الزاوية هم العاملون في الشركات التجارية، الذين يحصلون على مميزات مالية متعددة لقاء عملهم في هذه الشركات، كالبدلات الإضافية على الرواتب الأساسية، مثل (بدل السكن، وبدل طبيعة العمل، والحوافز السنوية، وغيرها)، أو العلاج المجاني الذي تفرضه الجهات الرسمية على هذه الشركات، وليس هو تطوع منها أو إحسان تحسنه إلى موظفيها :) .


ولو نظرنا في هذين السببين فإن كليهما يعود في النهاية إلى ضعف الإيمان بالقضاء والقدر، فإن الأمن الوظيفي لا يستطيع أحد أن يضمنه لا الحكومات ولا غيرها إلا الله عز وجل، الذي ضمن لكل من خلقه رزقه كما قا ل النبي صلى الله عليه وسلم: (إن روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله واجملوا في الطلب).


ومع هذا فإن المنظمات غير الربحية -التي هي عماد القطاع الثالث- مطالبة حقيقة بأن تحسّن من آليات العمل المؤسسي لديها، وتعمل وفق الظروف الحالية والمعطيات القائمة، فلا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل ما يعانيه العمل الخيري -والإسلامي بوجه خاص- من محاربة في أرجاء العالم عموماً، ولا يمكن تجاهل هذه النقطة وما تشكله للموظفين من أن العمل في القطاع الخيري، وأعني العمل بالنسبة للشخص المتفرغ خاصة وليس المشاركات الجزئية التي هي من باب التطوع في أوقات الفراغ، لا يمكن تجاهل أن العمل في القطاع الخيري أصبح في نظر كثير من الناس هو شبهة بحد ذاته.


وفضلاً عن هذه النقطة فإن الكثير من العاملين في العمل الخيري يطالبون -إما صراحة أو ضمناً- كل من أراد أن يعمل معهم بأن يحتسب الأجر ويقبل بالأجر المنخفض والمميزات التي لا يوجد منها سوا الماء القراح البارد الذي ولله الحمد متوفر وبكثرة في المنظمة :)



وللحديث بقية .. بإذن الله

6 comments:

  1. جزاك الله خيرا أخي المدني على هذا الطرح ، هذا الطرح جريئ في المؤسسات الخيرية ، والموظف الذي يتجرأ ويطلب الزيادة وتحسين الوضع المالي له ، يعامل كشخص خارجي ويحتاج إلى جلسة تأديب ولفت نظر ، فالعمل في المنظمات الخيرية أصبح مؤقتا لكي لا أجلس بدون دخل ثابت وإن قل حتى أبحث عن فرصة وظيفية في أماكن أخرى ، بل بعض الشخصيات المتنفذة في بعض المنظمات الخيرية يدين الله عز وجل بالتضييق على الموظفين في منظمته ودائما يذكرهم بضورة الاحتساب والعمل مع الله ، ونسي أو تناسى هذا المخلص بأن له راتب أساسي في العمل الصباحي في الحكومة كما له دخل إضافي ( مكافئة ) من المنظمة الخيرية التي يعمل بها مساء وإن طلب منهالتفرغ فلن يقبل في العمل في المنظمة الخيرية بأقل من الراتب الذي يتقاضاه في الدولة فالكيل بمكيالين يفسد القضية ويدمر النفسية ويذهب بالإخلاص والتفاني في العمل إلى أبعدالحدود ، والمطلوب من الإخوة القائمين على العمل الخيري مراعاة الظروف المالية التي تمر بها البلد من غلاء فاحش في كافة الاتجاهات ، ومساواة - لا أقول تفضيل- العاملين في القطاع الخيري مع من هم أمثالهم من العاملين في القطاع التجاري

    ReplyDelete
  2. محمد العزازيMarch 10, 2007 at 10:19 AM

    موضوع هام ... وحيوي جدا

    الا اني ارى ان السببان يقعان في تصنيف واحد وهو المميزات الادارية

    بقيت اسباب لاتحرمنا و المارين على هذا الموضوع منها

    و من الاسباب - في نظري-

    غياب ثقافة او وعي العمل الخيري لدى العامة
    أقصد عامة اهل الخير والصلاح-

    فالعمل في هذا المجال مازال غريبا على المجتمع
    و بالتالي العاملون به شريحة قليلة
    و لذلك هم لا يشكلون شريحة كافية للضغط على اصحاب القرار (سواء كانوا شخصيات تنفيذية ام شخصيات اعتبارية) لتحسين اوضاعهم

    ثالثا:
    الثقافة والتربية التي نشأنا فيه
    بغض النظر صحيحة كانت ام ليست صحيحة
    مازلنا نرى ان مناقشة حقوقنا فيها نوع من الصغار
    او ان الكلام في هذا الموضوع عيب او انه اكبر من هذا

    وبالتالي

    ضاعت كثير من حقوق العاملين بين امرين
    1- حياء صاحب الحق او ترفعه عن ذلك بما انه عرض من اعراض الدينا و ليس له ان يشارط فيه و ان المشارطه فيه ليست سمة الكبار .. الخ

    2- عدم تقدير اصحاب القرار لذلك التورع والحياء والترفع بل احيانا التأثم الذي يعتري الموظف و ذلك يبرر بأمران الاول الخوف على اموال المسلمين - 2 الامانة الملقاه على عاتقه والتي لا تسمح له بصرف مكافئة 100 ريال وهو يستطيع ان يدفع نصفها او ثلثها... فيماطل او اما صراحة او تلميحا حتى يقبل العامل باقل الرواتب و اقل البدلات واقل الشروط

    لذا تجد في المؤسسة الواحدة ... الموظفين على رواتب متفاوتة وان كانت لهم نفس الاعباء الوظيفية او نفس الدرجة .. و ان ادعت المؤسسة انها تطبق اللوائح والانظمة الثابتة

    ويكون هذا التفاوت نتيجة للمفاوضات التي خاضها او لم يخضها كل عامل

    و من الحلول والله اعلم
    يكفي ان يقرر للعامل اجر نظيره في القطاع العام اذا كان داعية فيكون مثل المدرس و ان كان مديرا فيكون له مثل نظيره حسب درجته
    وهذا حلا وسطا ومريحا للطرفين . لا تجعل العامل في القطاع الخيري اسوأ الطبقات
    ولقد سمعت احد الفضلاء عندما قيل له هل نعطي العاملين في القطاع الثالث مميزات العاملين في القطاع الحكومي ؟ ام نعطيهم اقل من ذلك و هي مميزات القطاع الخاص
    قال ان هناك فئة ثالثة هم العاملين في المجال الخيري.. هو كان يقصد بالطبع انهم اكثر عملا و اقل مميزات وادنى رواتب


    و انني اتعجب لحيرتنا في هذا الباب

    اذ كيف نحتار و امامنا قرون طويلة عاش المسلمون فيها ومؤسسات العمل الخيري (الاوقاف) ملء السمع والبصر
    بقوانينها ولوائحها ومرتباتها
    كذلك عمال المسلمين الذين هم في المصالح العامة
    اذ كانت لهم المميزات التي تجعل همم الطلاب تنصرف للجد والتحصيل والتفقه املا في ان يحصل على وظيفة من هذا النوع
    الامر الذي حدا بالمربين الى تبيه القلوب والنفوس الى الاخلاص وعدم قصد هذه الامور عند طلب العلم

    و مازال الامر مفتوحا
    والله اساله التوفيق والسداد

    ارجو ان يستكتب المشايخ الفضلاء لاحياء مثل هذا الفقه

    وبالنظر الى عمال المسلمين و اصحاب الولايات العامة والخاصة و والى نظار الاوقاف القائمين على مصالحها

    و الحل ليس صعبا وخصوصا اذا تحلى اصحاب القرار بالشجاعة الكافية لتغيير المفاهيم البالية في هذا الشان

    ReplyDelete
  3. .

    شكراً لك أخي أبو أسامة على التفاعل ..

    وما يميز تعليقك على الموضوع أنه من خبير متمرس في أعمال القطاع الثالث ..

    آمل أن تحضى الموضوعات التالية لهذا الموضوع -في المجال نفسه- بتعليقاتك الموفقة، سلمك الله ورعاك.

    .

    ReplyDelete
  4. .

    شكراً أبو عمرو .. كلامك كالعادة درر .. كيف لا وأنت من ذرية المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي أوتي جوامع الكلم

    وأوافقك ان أسباب ندرة الكفاءات الإدارية في القطاع الثالث لا تنحصر في هذين السببين .. فهناك إشكالات أخرى كثيرة منها ما ذكرته سلمك الله ..

    وقد أشرتُ أن إلى أن هذين السببين هما نفور أو قل تهرب الموظفين ذوي الكفاءات الجيدة والقدرات المتميزة من العمل فيها، وأقصد الكفاءات التي تعرف وتقدر أهمية هذا العمل وتهتم به ..

    أما ما أشرتَ إليه -حفظك الله- من إشكالية عدم تعودنا على المطالبة بحقوقنا فكما ذكرت هي إشكالية تربوية في الأسرة وفي المجتمع ..

    وآمل أن تمتعنا وتفيدنا بمتابعاتك لهذا الموضوع في حلقاته التالية بإذن الله ..

    .

    ReplyDelete
  5. .

    حياك الله أخي Pen .. وحبذا لو أتحفتنا ببعض خبرتك في هذا المجال ..

    .

    ReplyDelete